الاثنين، 28 يناير 2013

وهــم الحقــيقة


هل مانراه دائما هو الحقيقة ؟؟.. مانلمسه ونحسه وفي بعض الاحيان نؤمن بة هل هو الحقيقة ؟؟ .. 
مثلا نرى الشمس بأعيننا تدور كل يوم حول الأرض .. و مع ذلك فالحقيقة أن العكس هو الصحيح والأرض هي التي تدور حول الشمس .. نرى القمر في السماء أكبر الكواكب حجما مع أنه أصغرها حجما .. 
نلمس الحديد فنشعر بأنه صلب متدامج مع أنه في الحقيقة عبارة عن ذرات منثورة في فراغ مخلخل .. بين الذرة و الذرة كما بين نجوم السماء بعدا.. و ما يخيل لنا باللمس أنه صلابة و تدامج هو في الحقيقة قوى الجذب المغناطيسي الكهربائي بين الذرة و الذرة .. فنحن نلمس القوانين بأصابعنا و ليس الحديد ... فنحن ننظر إلى السماء على أنها فوق و الأرض على أنها تحت مع أنه لا يوجد فوق و لا تحت .. فالسماء تحيط بالأرض من كل جوانبها .. والهرم بالنسبة لنا شيء لا يمكن اختراقه مع أنه بالنسبة للأشعة الكونية شفاف كلوح الزجاج ترى من خلاله و تنفذ من خلاله .. وصقيع القطبين الذي نظن أنه غاية في البرودة هو بالنسبة لبرودة أعماق الفضاء جحيم ملتهب ..
واما في الحقائق الإنسانية فإن حواسنا تكذب أكثر و أكثر .. فالنظرة او القبلة او اللمسة التي تصورناها في البداية مشروع حب نكتشف في النهاية أنها كانت مشروع سرقة ليس إلا. وجريمة القتل التي أحس الجميع بأنها ذروة الكراهية يكتشف الجميع أنها ذروة الحب .. و ما تكتب عنه الجرائد بالإجماع على أنه بطولة قد يعلم البطل نفسه أنه كان انتحارا .
في الحقائق الاجتماعية تتعقد الأمور أكثر و يغرق الحق في شبكة من التزييف تشترك فيها كل الإرادات و يصبح الحكم على الأمور بظاهرها سذاجة لا حد لها ..
وكذلك الحقائق التاريخية يكتب المؤرخون في كل عصر و من ورائهم السلطة .. أقلامهم فقط تكتب ما يريد الأقوياء أن يقولوا .. 
فما أصعب الوصول إلى الحقيقة ..
إن الوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى حقيقة أكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذتك .. بل إن الوصول إلى أبعد نجم في متاهات الفضاء أسهل من الوصول إلى حقيقة ما يهمس في قلب امرأة على بعد شبر منك .. بل إن عقولنا تزيف وتزين لنا حتى عواطفنا نفسها فنظن أن حب المجد يدفعنا الحقيقة أنه الغرور و حب الذات .. نظن أن العدالة هي التي تدفعنا إلى القسوة في حين أن الذي يدفعنا هو الحسد و الحقد ..
من الذي يستطيع أن يقول.. لقد أدركت الحقيقة ؟
من الذي يجرؤ أن يدعي أنه عرف نفسه ؟
ليس من باب التواضع أن نقول.. الله اعلم .. بل نحن فعلا بعيدون كل البعد عن شبه الحقيقة حتي .. وهي الحقيقة الوحيدة الأكيدة في الدنيا.. إننا نجهل كل الجهل حتى ما يجري تحت أسماعنا و أبصارنا .. و برغم عدم إدراكنا يتعصب كل فريق لرأي .. الكل يتصور أنه قد امتلك الحق .. فيكفر وينصب المشانق و المحارق للآخرين ..
فلو أدركنا جهلنا و قدرنا .. لانفتحت ابواب الرحمة و الحب في قلوبنا ولأصبحت الحياة على الأرض جديرة بأن نحياها ..
فقط لنعلم أننا لا نعلم ..!