الأربعاء، 10 أبريل 2013

الحقيقة .. والباطل

من قال أن الرومانسية ضد الواقعية ؟
من قال أن الشيوعية ضد الرأسمالية ؟
من قال أن اليمين الأصولي ضد اليسار الليبرالي ؟
من قال أن فلان ضد علان ؟
في الواقع الكثير من أصدقائي لهم توجهات فكرية مختلفة وأتابع كتاباتهم علي مدار السنين السابقة.. فكنت أقرأ مقال احدهم فأعجب به ،ثم أقرأ مقالا لآخر مخالف له تماما في وجهة النظر فأعجب به أيضا ،ثم أكتشف أنهما قد دخلا في صراع مع بعضهما وصل إلى حد التلاسن و إتهام كل منهما الآخر بالتطرف و عدم قبول الآخر .. هذا جعلني أفكر كيف اكون معجبا بأفكار وكتابات الاتنين معا برغم إختلاف افكارهم وتضاددها تماما؟! .. هل أنا شخص متناقض لهذة الدرجة ! أحب شيئين متناقضتين لدرجة الخصومة و التلاسن ؟!
لكني و بعد هدوء و إعادة قراءة لكتابات الطرفين توصلت لعامل مشترك بينهما دفعني إلى الإعجاب بالكتابتين المتناقضيتين في الظاهر
هذا العامل المشترك قد كان "الصدق"..
الصدق و ليس الحقيقة ..
فكل منهما قد كان مصدقا ومؤمنا بما كتبه جدا .. صحيح إن تصديقه هذا قد دفعه للاعتقاد إن ما كتبه هو الحقيقة لكنه علي الأقل قد كان صادقا مع نفسه و طارحا لما هو مقتنع به .. لذا انا أحببت صدقهم و ليس أفكارهم ..
لكن الأهم إني قد اكتشفت إن سبب الخلاف كان إن كلاهما يعتقد إن ما هو مؤمن بة هو الحقيقة و واجبا علية الدفاع عنها بكل قوتة مما اوصلهما الأمر لحد التلاسن بينهما ..

في الواقع الأفكار ليست ضد بعضها .. كما أن الشخوص ليسوا ضد بعضهم مهما بان فيهم من ملامح الاختلاف .. كل ما في الأمر أن الحقيقة عندما تدخل في توصيف الموضوعات تجعل الباطل يدخل في توصيف الموضوعات المقابلة فيحدث الصراع ..
لذا لابد ان نثر الحياة بأفكارنا لكن لا ندعي أن ما نعتقده هو الحقيقة .. لأننا حين نستخدم الحقيقة في وصف ما نؤمن به نستخدم الباطل في وصف ما يؤمن به الآخرون .. بالإضافة إلى أننا نحرم أنفسنا من مرونة إعادة تقييم أفكارنا حين نعتقد في تمثيلها للحقيقة و بهذا يصيبنا الجمود .. 
فالذي يتضاد ليست الأفكار أو الأشخاص إنما الحقيقة في مقابل الباطل .. فإذا كففنا عن استهلاك عقيدة الحقيقة و الباطل فسنكف عن النزال و ستبدو أفكارنا كعناصر متنوعة تسهم جميعا في تشكيل وعي الكوكب بلا مجد زائف أو بطولة واهمة ، كما سنبدو جميعا كبشر يسهمون معاً في تشكيل ملامح الحياة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق